تسير بنا الأيام ولكن يبقى تأثير تلك الصدمة التي عصفت بعقلي وتفكيري مخلفتاً ورائها أسئله لا حصر لها.
إنطلاقه :
توجهت الى لندن في الخامس من شهر شعبان مع وفد من دول مجلس التعاون لتكون أول رحلة دولية لي خارج وطني .
وصولي هناك كان أمراً مرعباً وشاقاً وجناح الطايرة كلما أهتز زاد توتري وخوفي علماً بأنه أول ركوب للطائرة في حياتي !
بعد الهبوط وخطواتي تتسارع متشوقةً لرؤية الغيم والتلذذ بالأجواء الباردة
الى الفندق وأنا في صمت لا أشعر به ، متعجب من هذا التطور والنظام والوعي ، أنظر بألم وحرقه أتساءل !!
(وش اللي ناقصنا عشان نصير مثلهم ؟؟)
(وش اللي يخليهم يحترمون النظام !!)
وصلت الى الفندق ورغم الإرهاق لم أستطع الراحة ،، قررنا الذهاب الى المطعم للعشاء مع الدكتور المسؤول عن وفد جامعتنا ..
وصلنا " بيكادلّي" وللأسف كان من أيام إجازتهم .. نسير برعب وهلع بين مخمورين ليس لديهم عقول وعصابات تقتنص العربي المنفرد !
آنذاك أيقنت وثبت بقلبي أن الإسلام كرّم الإنسان ،، حمدت الله كثيراً أننا مسلمون ،، وقناعتنا في ديننا قوية ❤
مع ذلك كله ، الصمت قد طوق فمي وكأن بي علّة !!
حاولت جاهداً أن أبقى منسجماً مع الوضع لكن عقلي منشغل بتفاصيل حياتهم بتعاملهم وتنظيمهم بإسلوب حديثهم .. حتى أصبح الوفد ينظر إليّ بأني منغلق أو أكتم ألماً !!!
القطارات تتميز بقوتها وسرعتها و الشوارع بثباتها وتخطيطها العجيب و المباني بأشكالها العصرية والفنادق بهدوءها ونظافتها و المنتزهات بمتعتها والمدن المجاورة للندن بطبيعتها الغنّاء والمريحة وأجواءها ونسيم هواءها ، والنظام الأمني القوي بكاميراته المنتشره في كل مكان .
حتى "الباص" و "التاكسي" فيها ما يجذب ويجعلك تتعجب من دقة التفاصيل وكثرة المميزات !
ذات يوم قمنا بجولة في أكبر مول في أوروبا وهو " ويست فيلد" جوار محطة " ستارفرد" يجمع الماركات العالمية والخدمات المتميزة والأسعار المتوسطة ،، أستمتع جداً عندما أتسوّق فيه وخصوصاً في "بري مارك" الذي يجمع كل شيء تحت سقفين وبأسعار مناسبة !
ولا أنسى " كشك البانكيك" مع الشوكولاته ، ولكن للأسف إختفى ذات يوم :(
بالمناسبة ! الطعام في لندن مرهق بالنسبة للمسلمين ،، يجدون مشقة في ايجاد مطعم لا يتعامل بزيوت ولحوم الخنزير والذبح الحرام غير أن أسعار المطاعم العربية غالية جداً .. لماذا ؟
بإعتقادي أن العاملين يتقاضون مبالغ على قدر عملة بلادهم .. *تأكدو من المعلومة
زرنا أحد البوفيهات العربية التي لم نجدها نظيفة أو رخيصة أو فيها خدمة مميزة للعميل !
تشاور أصدقائي وكلهم إتفقو على المغادرة الى الحديقة وتعويض الوجبة مساءاً
وعند المغادرة سألنا البائع العربي :
هل هناك حديقة مائية قريبة من هنا ؟
قال : لا أعلم !
وأكمل قائلاً : أن أعلم فقط أماكن الأندية الليلية والمراقص : هل تريدون ؟
وقفت متأملاً ومتألماً ! لماذا قال لنا هكذا وهو عربيٌ مثلنا ! ومنا الملتزم وحافظ القران ؟
هل لأن العرب لا يبحثون إلا عن هذه الأماكن ؟
أم الإنتقام وأم التسويق !
تعجبت من جرئته معنا !
تجوال :
السير في طرقات لندن بأمان يكون قبل الساعة الثامنة مساءاً ،، بعد ذلك تذهب عقولهم وتكثر جرائمهم وتساق دعارتهم .. أجارنا الله
- ماتعرف خويك الا بالسفر
..
صديقي حسام الذي كان من أقرب الأشخاص لي في هذه الرحلة ، أعتقد أنه دعوة أمي لي ، كان في الغالب يعلم ما يدور بداخلي من أفكار ، يساعدني على الإستيقاظ يذكرنا بالصلاة ، لا تعجبه عنهجية البعض في الاماكن العامة ، مسالم محافظ خلوق مؤدب ، ويعلم الله أني أسعد بمرافقته وحدة عن جميع الوفد ! ليس إحتقاراً لهم لكن كلن يسير مع من يهوى تصرفاته ومزاجة.
عبدالملك .. كان قريباً لدرجة البكاء ! ينام في نفس الغرفة ، افكاره مرهقة ، لا يبقي حديثاً حصل بيني وبينه في الليل إلا وأذاع به أمام الملأ ، يمتلك روحاً فكاهية تقتلع من تمر به !
لا يستطيع أن يخبيء ما يفعله الآخرون من أخطاء !
دائماً" ينثر السفرة" بشوشٌ دائماً ، حافظاً للقرآن كاملاً أخشى عليه دائما من التأثر ببعض الشخصيات ، ورغم صغر سنة الا انه معلم تحفيظ في احد مساجد جدة !
كان يلحق كل عبارة لا تعجبه "بالزمن في فضاء الفتن" يصبح علينا بآيات من كتاب الله في الحافلة ،، ويطربنا بأنغامه وموالاته الحجازية ،، آه ما أجمل تلك الأيام معهم
بين البداية والنهاية مختصر من رحلتي التي أيقضت بداخلي جيوش التغيير وزعزعت مواطن القوة والصلابة والبناء والتنمية ، يوماً ما ستكون بلادي جميلة ، يوماً ما سيزداد الوعي ، يوماً ما سينهض المجتمع وينطلق الى العالم الأول .
دمتم ودام التفاؤل في قلوبكم❤